"... خيانة؟!"

قالت الماركيزة الكلمات الأسوء التي قد تظهر في تاريخ البلدان.

ثم استعادت نفسها وألقت نظرة أخيرة على البطاقة في يدها قبل أن تعيدها لجول وهي تتحدث بهدوء وجدية.

" افهم ما تحاول قوله، ومع ذلك حتى لو تحدثت معي بصفتك مغامرا ليس بالدليل الكافي والذي سيجعلني أصدقك".

أومأ جول بتفهم.

لقد اعطاها بطاقة هويته البلاتينية والتي تثبت أنه مغامر دولي. رغم أن البطاقة تعني أنه ليس دخيلا، فهي تعني كذلك أنه لا علاقة له بالشأن الداخلي للمملكة.

فنقابة المغامرين منظمة حيادية لا تنتمي لأي مملكة. فكما قالت الماركيزة، كونه حياديا لا تعني أنه في صفها.

" أتفهم ما تقولينه، تفحصي هذه رجاءا".

تحدث جول بينما يخرج ورقة من فضائه الجزئي. في حين لم تتفاجأ الماركيزة من ظهور الأشياء من العدم ضنا منها أنه عنصر تخزين.

تفحصت الماركيزة الورقة بجدية.

" هذه...؟".

-" صحيح إنها عقد طلب عمل بين المغامر من الدرجة

أس أس

'كرو'، وشركة وفرناستي التجارية".

كما قال جول ذلك، إلتفتت الماركيزة نحو وينستون الذي أومأ لها. أعادت نظرتها للورقة في يدها قبل أن تتنهد باستسلام.

" فهمت، لا يمكنني أن أثق بك بشكل لا لبس فيه، لكن سأضع كلامك على محمل الجد".

-" شكرا لك".

ابتسم جول بهدوء بينما يضع فنجان الشاي ويستلم الورقة من الماركيزة.

وبينما يعيد الورقة لفضائه الجزئي نادى على إسمين.

" ألفا، بيتا!".

وبينما تراقب الماركيزة جول بترقب، شعرت بتذبذب غريب بجانب الأريكة حيث يجلس جول.

في ذلك المكان، وبالتحديد في الهواء بجانبه، إنفتح شقان. بدا الأمر أشبه بتمزق في قطعة قماش.

بينما يقابلان النظرات المتفاجئة من قبل الماركيزة ووينستون، خرج شكلان بشريان من التمزقين، فتى يبدو في مثل سن جول ذو شعر أسود وعيون ذهبية، وفتاة تبدو أصغر من كليهما بشعر متمايز بين الأبيض والأسود وعيون ذهبية كالفتى قبلها.

كلاهما ألفا وبيتا. وبأناقة سقطا على ركبتيهما أمام جول.

" نعم سيدي!".

تحدثا في صوت واحد.

أومأ جول نحوهما وطلب منهما الوقوف ثم عاد لمقابلة عيون الماركيزة المتفاجئة وتحدث بشرح.

" كلاهما مرؤوسي، إنهما بارعان في جمع المعلومات. على أي حال ماركيزة، إسمحي لي أن أطرح عليك هذا السؤال".

تحدث جول بنظرة جادة نحو الماركيزة التي ركزت مع كلماته.

" من هو أكبر مستفيد من موت الملك قبل تحديد الوريث للعرش؟".

هذا السؤال جعل الماركيزة تضع نظرة جادة وهي تفكر. ومع ذلك أعادت النظرة الجادة نحو جول الذي قابلها بنفس التعبير الجاد الذي تضعه. بدا أنها تطلب من جول أن يجيب.

" إذا أردت رأيي... فسأقول أن أكبر مستفيد هو 'الماركيزة والتونيا'!".

"...!!"

بكلمات جول الذي تحدث بوجه رواقي، فوجئ جميع من في الغرفة. النظرة التي كانت على وجه الماركيزة بشكل خاص كانت قاتمة.

" هل تتهمني بالخيانة؟ حتى لو كنت ابن ماركوس لن أتجاوز الأمر بسهولة".

-" لا تسيء فهمي، استمعي إلي أولا".

-" ...أنا أستمع".

عندما سقطت أنظار الجميع على جول، تابع بوجه هادئ.

" أولا هناك ثلاث مرشحين رئيسيين شرعيين للعرش، ماركيزة 'والتونيا'، ماركيز 'دوغلاف' و ماركيز 'لاندير'. الثلاثة يمكلون قرابة بالدم مع العائلة المالكة من درجات مختلفة".

-" صحيح، والدي المتوفى هو العم الأصغر للملك الحالي والذي مات قبل أيام. الماركيزين 'دوغلاف' و'لاندير' أمهاتهم يملكون قرابة بعيدة مع العائلة المالكة".

وافقت الماركيزة على كلام جول، الذي تابع بعد إيماءة صغيرة.

" إذا تكلمنا من ناحية نقاء الدم والكفاءة فإنك؛ الماركيزة والتونيا الأحق بالعرش، لكنك قد تخليتي عن المنافسة من البداية. وهذا يتركنا مع منافسين من نفس الدرجة. لو أنك لم تتخلي عن العرش لكان الدعم من معضم النبلاء والشعب قد انحاز لك".

من المعلومات التي جمعها جول في الأسبوعين الماضيين، كان قد اكتشف أنه منذ تولي الماركيزة لمنصبها بعد وفاة زوجها قبل عشر سنوات وحتى قبل وفاته، تغيرت الضروف المعيشية لسكان إقليمها بشكل كبير.

لطالما كانت الأراضي الصالحة للزراعة في الإقليم قليلة، مع الغابة الكبيرة وكثرة الوحوش، والحدود مع المملكة المجاورة ؛ لطالما كان إقليم والتونيا الذي يقع في الغرب من أقصى الأقاليم التي قد يديرها نبيل ما.

مع ذلك تحدت الماركيزة والتونيا الصعوبات واستثمرت بشكل كبير في القوة العسكرية دون إهمال باقي المجالات. بفضل ذلك وصل الإقليم لعصر ازدهاره، مع الحكم العادل للماركيزة وقوتها عسكرية، صارت عائلة الماركيز والتونيا أقوى عائلة ارستقراطية في المملكة بعد العائلة المالكة والتي فقدت سلطتها الآن.

" الآن مع خروج الماركيزة من المنافسة، ظلت أراء النبالاء تتأرجح بين الماركيزين الآخرين. الآن من بينهما من هو المستفيد الأكبر من موت الملك قبل الإعلان عن وريث العرش؟".

تحدث جول وطرح سؤالا آخر جعل الماركيزة تفكر من جديد.

رغم أنها متفاجئة من بصيرة جول، لم تدع تفكيرها يخرج عن الموضوع المطروح أمامها.

" بما أن الماركيز 'دوغلاف' لم يغادر إقليمه طوال الأشهر الماضية، والماركيز 'لاندير' المقيم حاليا في العاصمة، أضن أن الماركيز 'لاندير' هو المستفيد. هل تقول أن 'لاندير' هو الخائن؟".

-" لم أقل ذلك. ألم تقولي كذلك أن التحقيق يقول أن الملك مات مرضا لا سما؟".

-" أنت الآن تعارض نفسك".

-" لا، أنا أتحدث من وجهة نظر النبلاء الذين يعتقدون أن الملك مات مرضا. وبالتالي كلا الماركيزين في موقف متساوي من وجهة نظر باقي النبلاء، وهم الآن يحتاجون متغيرا واحدا ليقلب الموازين".

-" متغير... تقول؟".

توقف جول قليلا ليدع الماركيزة تفكر بعد ذكر كل هذه الحقائق.

ثم التفت وأشار نحو ألفا بعينه، الذي أخذ بضعة ملفات خاتم التخزين في يده وناولها لجول، ثم أخرج أوراق أخرى ووضعها أمام وينستون والماركيزة.

عندما حمل وينستون الأوراق وبدأ يتصفحها، كانت الماركيزة قد أنهت التفكير وراقبت جول قبل أن تتحدث.

" أفهم ما تقول لكن ما هو المتغير الكبير بما يكفي ليحرك أحد الماركيزين؟".

-" دعيني أذكر إسما ليس بالغريب عليك...'ألبرت دي والتونيا' ".

مع تلك الكلمات تشدد تعبير الماركيزة. كيف و لا وهي تعلم أن هذا الإسم هو إسم أطلقته على ابنها البكر.

ألبرت دي والتونيا، إسم قد سمع به سكان هذه المملكة وحتى خارجها مرة على الأقل. وإسم قد يسجل في التاريخ لقيمة موهبته في السحر.

'ألبرت دي والتونيا' هو الإبن الأكبر للماركيزة والتونيا. يبلغ الخامسة والعشرين من عمره، وهو عبقري سحر لم تشهده هذه المملكة من قرون، حيث وصل للدائرة الخامسة في هذه السن الصغيرة وكذلك أصغر مرشح لرئاسة البرج السحري في المملكة.

بالإضافة لكونه عبقريا فهو يتمتع بكاريزما وأخلاق عالية حيث يضرب به المثل للنبلاء الشباب، وعامل آخر ساهم في شعبيته هو مدى وسامته وإعجاب العديد من السيدات الشبات به.

قد يبدو غريبا ذكره في هذه المحادثة والتي لا تتطلب ذكره لكن جميع من في الغرفة يدرك السبب.

في سنة الماضية بعد خروج 'ألبرت' من عزلته لترقية دوائره السحرية ونجاحه في بلوغ الدائرة الخامسة، قامت الماركيزة بخطبة إبنة الماركيز 'دوغلاف' له.

قد يبدو غريبا حيث سيشكل اتحادا بين البيتين، لكن 'يوريا دوغلاف' كانت الشابة الوحيدة اللائقة له. حيث بالإضافة للمعرفة بين الشابين حيث كانا زميلين في الأكاديمية أيام دراستهما، كانت تملك المكانة الأرستقراطية المناسبة له.

في حين الماركيز 'لاندير' يملك ابنتين إحداهما متزوجة بالفعل والأخرى تبلغ الخامسة عشر فقط.

"أنت تقول أن الماركيز 'دوغلاف' سيستغل خطوبة ابني من ابنته ليحصل على دعم النبلاء؟ لكن يبدو غير منطقي سبب قتله للملك، إذا كان كما تقول لترك الطبيعة تأخذ مجراها حتى يموت الملك وبإمكانه ضمان العرش بهدوء".

-" في الواقع كنت قد وضعت هذه الفرضية بالفعل، لكن لملك في الستينات من عمره أن يمرض بمرض مجهول ويموت فجأة؟ يبدو كما لو أن الماركيز دوغلاف يتنبأ بالمستقبل".

-"...بالفعل".

كما وافقت الماركيزة والتونيا، أشار لها جول لتفحص الأوراق أمامها ثم تابع الشرح.

" من تحيقيقي اكتشفت أن أعراض المرض قد بدأت منذ ما يقارب السنتين، وقبل ذلك الوقت كان الماركيز لاندير في صدد مناقشات حول تطوير قاعدة عسكرية بحرية في إقليمه في الشرق".

-" صحيح...أذكر هذا، لقد كانت أهم الأخبار في ذلك الوقت. خاصة أن الملك أعطى موافقته".

وافقت الماركيزة بينما تحمل الأوراق.

" إذن الماركيز لاندير يبحث في تطوير عسكري، مع نجاح ابنه في الحصول على مركز مهم في القوات العسكرية الملكية، وتقارب بين الماركيز لاندير والملك. كيف سيشعر الماركيز دوغلاف".

-" ...بالتهديد؟".

-" بينغو!".

ابتسم جول بمكر بينما يفحص التعبير المتفاجئ على وجه الماركيزة.

"لكن هذه مجرد تكهنات، ألا يمكن أن تكون مجرد صدفة أن الملك مرض بعد الموافقة على المشروع؟ بالإضافة إلى أن أعراضه لم تر من قبل".

على سؤال الماركيزة المنطقي، هز جول رأسه بتعبير جاد وتحدث.

" أنا لا أؤمن بالصدف، تفحصي تلك الوثائق".

تفحصت الماركيزة الأوراق بتعبير هادئ، ومع مرور كل ثانية يزداد تعبيرها قتامة حتى شدت بيدها على الأوراق.

رفعت رأسها وقابلت نظرة جول الهادئة واللامبالية وسألت بصوت مهتز.

" هل يمكنني الثقة بهذه المعلومات؟".

-" لقد جمعها لي ألفا قبل أسبوع من الآن عندما أرسلته إلى إقليم دوغلاف. إذا أرت مزيدا من المصداقية، يجلس بقربك زعيم أوسع شبكة مخابرات في المملكة".

أشار جول نحو وينستون، تابعت الماركيزة يده وقابلت نظرة وينستون.

" صحيح، كانت قد مرت علي هذه المعلومات قبل سنتين لكن لم ألقي لها بالا، أضن أن هذا هو السبب بعد كل شيء ".

تحدث وينستون لأول مرة منذ بداية المحادثة حتى الآن. رغم التعبير القاتم والمهتز للماركيزة حافظ وينستون على وجه رواقي وهادئ كرئيس شركة فرناستي التجارية وزعيم شبكة المخابرات.

"...فهمت".

-" في الواقع لم يكن الماركيز دوغلاف الوحيد الذي أظهر تحركات مشبوهة، حتى الماركيز لاندير أظهر تحركات مشابهة منذ ما يقرب من سنة".

وضع جول حقائق صادمة أخرى نحو الماركيزة بينما يشير بعينه لبيتا التي وقفت بقربه طوال الوقت.

أومأت برأسها قليلا وأخرجت ورقة واحدة ناولتها للماركيزة التي تفحصتها بتعبير قاتم وجاد.

" همم... يبدو أنه كان يستعد للحرب حتى قبل أن يفكر فيها أحد".

-" صحيح؟".

وافق جول على استنتاج الماركيزة.

تحتوي الورقة الأخيرة على معلومات حول صفقات توريد أسلحة من مختلف شركات الحدادة في العاصمة قام بها الماركيز لاندير طوال العام الماضي.

لذا يبدو كما لو كان يستعد لحرب كبيرة.

" إذا كان يعلم أن الملك تسمم، لما لم يتحدث؟، سيبعد منافسه بسهولة هكذا".

على سؤال الماركيزة هز جول رأسه وتحدث.

" الآن إذا كشف أكثر شخص كان يزور الملك باستمرار والمستفيد الأكبر من موت الملك قبل خطبة ابنك عن التسمم، سيكون أكبر متضرر وفي دائرة الشبهة. فبدلا من المقامرة على احتمال ضئيل، اختار الماركيز لاندير المقامرة على احتمال 'نصف-نصف' بذلك سيكون العرش أقرب إليه".

أمام جواب جول المنطقي، ركزت الماركيزة على الورقة في يدها بتعبير مرير واستمرت لفترة.

"

تنهد

...لا أصدق أن هذا كان يحدث تحت أنفي مباشرة، لقد أعطيت ثقتي لهم أكثر مما يجب، أضن أن علي تنظيف الفوضى الآن".

بعد تنهيدة أخرجت فيها كل همومها تحدثت الماركيزة بتعب، ثم استرجعت كاريزميتها كنبيلة راقية وكسيدة بيت عريق وتحدثت نحو جول.

" بصفتك ابن نبيل من بلد آخر لقد جعلتك ترى مثل هذا الوضع المخزي لمملكتي، أعتذر لك".

استقام جول في جلوسه وتحدث بصفته ارستقراطيا.

" على الإطلاق، كل بلد تملك من الهموم ما يكفيها. إذن مذا ستفعلين الآن؟".

-" مذا سأفعل؟ تقول؟... هذا بديهي".

ردا على سؤال جول، ابتسمت الماركيزة بهدوء. رغم أنها كانت ابتسامة لطيفة إلا أنها للأشخاص الذين يعرفون أي نوع من الأشخاص تكون الماركيزة 'ريبيرثا دي والتونيا' فهي كابتسامة الشيطان.

" بالطبع سأعلم الأخلاق لبعض الفئران كيف تتصرف عندما يغيب القط".

ㅡㅡㅡ

تمكنت بطريقة ما من كتابة هذا الفصل

ربما قد مللتم روايتي بالفعل، لكني إلى الآن لم أبرز المؤامرة الرئيسية ومازلت في طور بناء الهيكل الأساسي.

أعدكم أنه عندما أتمكن من شراء هاتف سأنشر عشر فصول وربما أكثر دفعة واحدة.

بالمناسبة لدي خطط لترجمة روايات من الإنجليزية عند الإستطاعة، ما رأيكم؟

2022/05/09 · 35 مشاهدة · 1764 كلمة
Abir Bell
نادي الروايات - 2024